بمشاركة 6 دول.. شركات تركية تروج لصناعاتها الدفاعية في أنقرة
عبد الله آدم يكتب: انْتُخِب بايدن واختفى صهر أردوغان

بيرات وأردوغان
جاء خبر فوز بايدن، مرشح الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بمثابة الصدمة التي انتابت بعض الدول والجهات في العالم. لكن الصدمة الكبرى ـ بلا شك ـ كانت من نصيب الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب.
لطالما قلل ترامب من شأن خصمه طوال حملته الانتخابية، وذهب بعيدًا في هذا الصدد. وزعم أن خصمه لا يملك الذكاء والكفاءة لحكم الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة بعض زعماء العالم. زاد على ذلك ترامب قوله إنه أعاد الاقتصاد الأمريكي المنهار إلى طريقه الصحيح، وقاد أمريكا مثل لاعب شطرنج محترف في مواجهة زعماء العالم الماكرين والأقوياء.
أصبح ترامب، الذي كان واثقًا جدًا من فوزه بالانتخابات، رابع رئيس بين الرؤساء الأمريكيين الذين فشلوا في الفوز بفترة ولاية ثانية. وفي الوقت نفسه، خسر السباق الرئاسي بأكبر هزيمة انتخابية في تاريخ الولايات المتحدة. لا بد أن هذا الوضع خلق له خيبة أمل كبيرة. وعلى الرغم من أن نتائج الانتخابات حُسمت بوضوح لصالح خصمه، إلا أنه لا يزال لا يقبل النتائج، ولا يعتبر نجاح خصمه قانونيًا من خلال الادعاء بأن الانتخابات شابتها بعض المخالفات.
على جانب آخر؛ وعد بايدن، الذي خرج بانتصار كبير في الانتخابات، في رسالته إلى الرأي العام الأمريكي، بأنه سيكون رئيسًا لكل الأمريكيين، وأنه سيحتضن الجميع دون أي تمييز بين الأزرق والأحمر والأسود والأبيض.
وبينما كان بايدن يشغل منصب نائب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، كان دائمًا ما يؤكد على احترام النظام القانوني للولايات المتحدة الذي يمتد لقرابة الـــ250 عامًا، مشيرًا إلى أنه يرفض تمامًا طلبات التدخل غير المشروعة في المؤسسات التي تحافظ على حيوية النظام الأمريكي. بمعنى آخر، كان دائمًا محترمًا للنظام المؤسسي. لذلك، ذكر أنه لن يقبل منه أي طلبات خاصة غير قانونية، وسَيُبْقِى كل شيء في إطار القانون.
إذا كان الشخص يتصرف هكذا وفق القانون والمبادئ العامة إبان توليه منصب نائب الرئيس، فمن سينزعج إذن إذا ما أصبح ذلك الشخص رئيسًا؟! بالطبع أولئك الذين ينخرطون في أنشطة غير مشروعة؛ أولئك الذين يرتكبون جرائم خارج النظام الدولي.
بشكل عام، لكل دولة علاقاتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية مع الولايات المتحدة، بطريقة ما أو بأخرى. والطرف الحاسم في هذه العلاقات دائمًا هو أمريكا؛ لأنها القوة العظمى بلا منازع في العالم الآن. هذه القوة هي أيضًا المتحكم والمنفذ الرئيس للقانون الدولي؛ لذلك تفرض أحيانًا عقوبات على النزاعات والإجراءات الخارجة عن النظام الدولي.
كانت إيران من الدول الخاضعة لهذه العقوبات. لذا عقدت إيران صفقة تجارية احتيالية مع حكومة أردوغان لكسر ذلك الحظر. رضا زراب، وهو مواطن تركي من أصل إيراني، كان يقوم بالوساطة في هذه التجارة، التي بدأت بين مؤسسات البلدين بصورة متبادلة ضاربة بالقانون الدولي عرض الحائط. وجرى استخدام «خلق بنك» في تحويل الأموال.
عندما بدأت عمليات الرشوة والفساد في 17-25 ديسمبر 2013 في الظهور أمام العلن، تم اعتقال الممثل الرئيس لهذه المعاملات غير القانونية، رضا زراب، والمدير العام لـــ«خلق بنك» سليمان أصلان. وفي غضون ذلك، اضطر 4 وزراء دارت حولهم الشبهات بشأن تلقيهم رشاوى إلى تقديم استقالتهم.
وفي وقت لاحق؛ نجح أردوغان وحكومته في تبرئة رضا زراب وسليمان أصلان وإطلاق سراحهما من السجن بمهارة بالغة. لكن رضا زراب، الذي خرج بعد 70 يومًا قضاها في السجن، جرى اعتقاله مرة أخرى في عام 2016 بينما كان يقضي إجازة في ولاية ميامي الأمريكية. وكان من بين التهم الموجهة له الاحتيال على الولايات المتحدة الأمريكية والاحتيال المصرفي وغسيل الأموال. لذلك وصلت العقوبة المطلوب توقيعها عليه إلى 75 عامًا.
وخلال مرحلة المحكمة؛ اختار رضا زراب الاعتراف بجريمته، وقيل إنه قدم الأسماء التي يرتبط بها وحكى كل ما يعرفه إلى هيئة المحكمة. وذُكِر أنه من بين العديد من الأسماء التي أفصح عنها كان بيرات البيرق، صهر أردوغان. ثم دارت أنباء أنه جرى الإفراج عنه سرًا بكفالة من السجن الذي احتجز فيه.
وفي غضون ذلك، كان هناك تطور آخر. ففي عام 2017، جرى إلقاء القبض على هاكان أتيلا، نائب المدير العام السابق لــ«خلق بنك» في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان متواجدًا لأداء مهام عمله. وأعلن مكتب المدعي العام أن سبب الاعتقال كان اتهامه بخرق العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران من خلال التعاون مع رضا زراب الإيراني المولد.
وأثناء حدوث هذه التطورات؛ لم يقف أردوغان وحكومته مكتوفي الأيدي. فمثلما قاموا بالتغطية على الموضوع والتستر عليه في تركيا من خلال تعليق القانون والضرب به عرض الحائط أو تغيير القضاة؛ تقدموا بطلب لكل من الرئيس أوباما ونائبه جو بايدن خلال الاجتماعات الثنائية من أجل التدخل في القضايا الجارية في الولايات المتحدة بنفس الطريقة. في كل من نائب الرئيس أوباما فتح محادثات ثنائية مع بايدن. لكنهم لم يتمكنوا من الحصول على ما يريدون حيث ردوا على أردوغان وحكومته إن المحاكم مستقلة ولا يمكنهم التدخل في أعمالها.
لكن عندما اِنْتُخِب ترامب رئيسًا؛ حقق أردوغان ما يصبو إليه. فذلك المحتال، الذي فتح ملف القضية نفسها مع ترامب باعتباره «مطلبًا خاصًا»، نجح في محاولته هذه المرة. ونصح ترامب أردوغان بالتحلي ببعض الصبر حتى يتمكن من حل عملية التقاضي التي طلبها كما يريد. ونفذ ترامب ما وعد به أردوغان. أولاً، قام بتغيير المدعي العام للقضية، ثم أطلق سراح «هاكان أتيلا » مقابل عقوبة رمزية.
وذات يوم، عندما غضب ترامب من أردوغان؛ استخدم الجمل التالية في خطاب إلى أردوغان «لقد أسأت إلى المقربين مني بسبب مطالبكم الخاصة. كن ذكيا، لا تكن غبيا». ولم يصدر أي رد فعل من أردوغان، الذي دائما ما يبادر بالرد على كل شيء، تجاه هذه التصريحات التي لا تتناسب بشكل أو بآخر مع اللياقة السياسية والدبلوماسية.
وبالعودة مرة أخرى إلى قضية رضا زراب، فقد كان بيرات البيرق هو المدير العام لــ«بنك أكتيف» الذي فتح فيه زراب أول حساب بعدما بدأ أعماله التجارية في تركيا. أما البنك الآخر الذي استخدمه لغسيل الأموال فكان «خلق بنك». وكان نائب المدير العام للبنك في تلك الفترة هو مراد أويصال، محافظ البنك المركزي المعزول حديثًا.
انْتُخِب بايدن رئيسًا واختفى الصهر في ظروف غامضة وعُزِل الآخر. والآن جاء الدور على المدير العام لبورصة إسطنبول هاكان أتيلا. فـ«الخوف لا يمنع الموت!».
د.عبد الله آدم - جريدة «Doğrusu» التركية
شاركنا بتعليقك
تقع المسؤولية الأدبية والقانونية للتعليقات والمساهمات المنشورة على الموقع، على صاحبها، ولا تعبر بأى شكل من الأشكال عن رأى إدارة الموقع