«حصاد الغطرسة».. أردوغان وحيدًا في نهاية 2020

حصاد الغطرسة

حصاد الغطرسة

أنقرة: «تركيا الآن»

«يؤتى الحذر من مأمنه».. ربما لن ينسى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عام 2020 أبدًا، بعد ضربات قاصمة تلقاها طوال العام من أشد المقربين له، طعنة تلو طعنة، فمن انشقاقات في صفوف الحزب الحاكم الذي راهن على تحكمه في الساحة السياسية التركية، وحتى استقالة أقرب مستشاريه، مرورًا بالزلزال العنيف الذي أحرجه أمام العالم مع استقالة زوج ابنته من منصب وزير المالية.. لحظات حرجة عاشها الرئيس طوال عام كامل، ولم تسلمه إلا لمزيد من الشك والحيرة حول بطانته ورجاله..

في التقرير التالي يستعرض «تركيا الآن» أبرز الانشقاقات التي واجهها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في عام 2020.. إلى نص التقرير:

الخريف المُر

بحلول فصل الخريف كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على موعد مع رياح عاصفة كادت أن تذهب بنظام العدالة والتنمية وتطيح برجاله إلى خارج قصور السلطة، إذ تلقى أردوغان طعنة مباغتة من زوج ابنته ووزير الاقتصاد والمالية المقرب، بيرات البيرق، الذي أعلن استقالته عشية يوم 8 نوفمبر 2020، عبر موقع التواصل الاجتماعي «انستجرام»، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الدولة التركية، ما أحرج الحكومة أمام الرأي العام المحلي والدولي.

خروج لن ينساه أردوغان..

في تعليق مقتضب اكتفى الوزير المدلل بكتابة نص الاستقالة على الموقع المخصص للاتقاط وتعديل الصور، وقال «قررت عدم الاستمرار في وظيفتي الوزارية التي استمرت 5 سنوات، بسبب مشكلات صحية، وبسبب عدم تخصيص الوقت الكافي لنفسي، لانشغالي طوال الفترة الماضي، وأنوي الآن تخصيص وقت لأبي وأمي وزوجتي وأطفالي، الذين دائمًا ما يدعمونني»، تاركًا الحكومة وعلى رأسها أردوغان في مواجهة درزينة من الأسئلة المحرجة أمام الرأي العام..

ماذا حدث؟

تضاربت الأقاويل حول مدى دراية أردوغان باستقالة الصهر قبل إعلانها، إلا أن الكاتب الصحفي التركي الشهير إسماعيل صايماز، أكد أن الرئيس لم يكن يعلم أن البيرق قرر الاستقالة، وأنه عرف بالخبر من وسائل التواصل الاجتماعي كباقي أفراد الشعب التركي. وقال صايماز حينها «إنها أول مرة في تاريخ دولتنا أن يعرف الشعب التركي باستقالة وزير في الحكومة قبل رئيس الجمهورية».

صحيفة«سوزجو» وهي واحدة من كبريات الصحف المعارضة في تركيا قالت إن خلافات تصاعدت بين أردوغان وصهره، بسبب رفض الأخير تحمل أعباء الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها حماه «المتحكم الأول بالسياسات المالية»، وأوردت على لسان مقربين من البيرق أنه شكى لأحد نواب الحزب الحاكم، قائلاً إنه يتمنى لو لم يتم تعيينه بهذا المنصب، وأن يظل وزيرًا للطاقة فقط، حيث تولى ذلك المنصب أثناء رئاسة أحمد داود أوغلو لمجلس الوزراء في نوفمبر عام 2015، قبل أن يتم إسناذ منصب وزارة المالية له في يوليو عام 2018.

أما وكالة «رويترز»، فقالت إن دفع أردوغان بناجي أغبال في منصب محافظ البنك المركزي بدلًا من مراد أويسال، كان سببًا في استقالة البيرق الذي رأى في الأمر تغولًا من أردوغان على صلاحياته كوزير.  

بعد أسبوع من استقالة البيرق أقدم أردوغان على الإطاحة بصهره من منصبه في صندوق الثروة السيادي، لتكون «ضربة معلم» حسب الصحف الموالية لرئيس. لكن الصحف المعارضة أفادت أن البيرق لم يمنح أردوغان تلك الفرصة وأنه هو من طلب من الرئيس إعفاءه من مهامه في الصندوق.

وعلى الرغم من تناقض الأقاويل حول إن كان بيرات البيرق استقال من صندوق الثروة السيادي أم أن الرئيس أردوغان أطاح به، ففي النهاية المعادلة تشير إلى أن أردوغان تلقى صفعتين في وزارة الخزانة والمالية وصندوق الثروة السيادي، فبعد أن كان له ظهيرًا في كلا المنصبين، أصبح وحيدًا.

 

خطأه كان الدفاع عن الأكراد! .. استقالة بولنت أرينتش

بنهاية نوفمبر أعلن عضو المجلس الاستشاري الرئاسي التركي، بولنت أرينتش، استقالته من منصبه بعد أن هاجمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إثر رفضه استمرار حبس الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، صلاح الدين دميرتاش.

كان أرينتش قد عبّر، خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني، عن رفضه استمرار حبس زعيم الأكراد دون سند قانوني، وقال «إن دميرتاش معتقل منذ نحو 3 - 4 سنوات، يجب عدم تحويل الاعتقال إلى عقوبة. التقيت مع دميرتاش مرة أو مرتين. هناك كتاب يدعى (القدر) كتبه دميرتاش. أدعوكم إلى قراءته ثم الحكم عليه»، وطالب الرئيس بالإفراج عنه.

لم تمض ساعات على تصريحات أرينتش، حتى خرج أردوغان يهاجم مستشاره متهمًا إياه بإشعال نيران الفتنة. كما أكد أن موقفه لن يتغير تجاه معتقلين أمثال دميرتاش ورجل الأعمال الناشط الحقوقي عثمان كافالا، الذي وصفه بأنه ضمن الذين حاولوا الانقلاب على حكومته خلال أحداث جيزي بارك في إسطنبول عام 2013.

وفي ذلك الإطار، أعلن عضو المجلس الاستشاري الرئاسي التركي بولنت أرينتش، استقالته عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، مبينًا أن حديثه عن السياسيين المعتقلين جرى تحريفه وفهمه فهمًا خاطئًا، وخشي أن تستغل تصريحاته لإعاقة جهود الإصلاح، على حد قوله.

وبيّن حينها بولنت أرينتش، أنه نقل الاستقالة إلى رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، وأن الرئاسة التركية رحبت بالقرار واعتبرته «مناسبًا» للظروف التي تمر بها البلاد.

 

تسونامي الاستقالات يضرب الحزب الحاكم

قبل استقالة البيرق ومن بعده أرينتش، ببضعة أشهر، كانت الاستقالات المتتالية قد بدأت تعصف بالحزب الحاكم منذ بداية عام 2020، لكن أردوغان (رئيس الحزب) حاول التقليل من أمر الاستقالات وسخر من المنشقين ووصفهم بـ«الأموات». إذ قال في أحد اللقاءات الجماهيرية في فبراير الماضي «بعض الناس يقولون إنهم يستقيلون. من مات قد مات، والباقون هم منّا».

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل حاول الرئيس التركي استعراض قوة حزبه لوقف نزيف الاستقالات، ونظم مؤتمرًا دعائيًّا للحزب بإسطنبول، وشهدت إحدى فقراته مكالمة هاتفية عشوائية مع سيدة تركية، تمت بتنسيق من منظمي المؤتمر، ليعرض عليها الانضمام للحزب، فما كان منها إلا أنها أغلقت الخط في وجهه بينما كانت الكاميرات تنقل فعاليات المؤتمر مباشرة.

 

أبرز الاستقالات:

رئيس الشؤون القانونية بالعدالة والتنمية ينشق وينضم لحزب أحمد داود أوغلو

في مطلع شهر يناير، أعلن رئيس الشئون القانونية بفرع حزب العدالة والتنمية ببلدة كوتشوك تشاكماجا التابعة لبلدية إسطنبول، أوميت ياشار كارليضاغ، استقالته من منصبه، معلنًا أنه اتخذ قراره لمواصلة عمله السياسي في حزب المستقبل، الذي أسسه رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو.

 

استقالة مفاجئة لنائب مسؤول الدعاية بحزب أردوغان.. والسر غامض!

في شهر يونيو، ودون أي مبررات أو أسباب واضحة، أعلن نائب رئيس مكتب الدعاية والإعلان، شامل طيار، استقالته من منصبه دون تفسير، قائلًا «سأترك العمل السياسي الفعال».

وقال طيار الذي انتخب سابقًا نائبًا لغازي عنتاب بالبرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية، في تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي على «تويتر»، إنه سيستقيل من منصب نائب رئيس إدارة الدعاية والإعلان بالحزب والتي يترأسها ماهر أونال. وأنه لن يعود إلى العمل السياسي مجددًا، وهو ما اعتبر استقالة غامضة لم تكشف أسرارها بعد.

 

نائب أردوغان عن محافظة ديار بكر  يستقيل وينضم لباباجان

بحلول شهر يوليو، أعلن نائب حزب العدالة والتنمية عن مدينة ديار بكر، علي إحسان مراد أوغلو، استقالته من الحزب، مشيرًا إلى رغبته في الانضمام إلى الحزب الوليد حينذاك «الديمقراطية والتقدم»، برئاسة وزير الاقتصاد الأسبق، علي باباجان.

 

استقالة 6 رؤساء بلديات من الحزب الحاكم في تركيا

في الثاني عشر من شهر يوليو، واستمرارًا لمسلسل الاستقالات من حزب «العدالة والتنمية»، أعلن رئيس بلدية بالكسير عن حزب العدالة والتنمية التركي، إكرام باشاران، استقالته وخمسة من رؤساء البلديات من الحزب الحاكم في تركيا.

وقالت صحيفة «سوزجو» التركية، إن رؤساء بلديات بالكسير، وأيفاليك، وجوميتش، وبرهانية، وكارسي، وإفريندي، قدموا استقالتهم بمحض إرادتهم من حزب العدالة والتنمية. فيما ذكرت أن استقالة رئيس بلدية كارسي، سيزائي دوغان، لم تكن برغبته، ولكنها جاءت نزولًا عن رغبة رئيس المحافظة، وهو الأمر الذي نفاه لاحقًا عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».

 

15 قياديًا يخلعون رداء «العدالة والتنمية» وينضمون لـ«المستقبل»!

في 17 يوليو، عادت مجددًا الاستقالات على الساحة التركية، إذ استقالت رئيسة فرع النساء في الحزب بمقاطعة كزيلتبه التابعة لمدينة ماردين، أمينه جوكتاش، و14 من الأعضاء المرافقين لها، معلنين انضمامهم لحزب المستقبل برئاسة أحمد داود أوغلو. وعلقت جريدة «يني تشاغ» التركية على الاستقالات قائلة «يستمر تساقط أوراق حزب العدالة والتنمية».

 

ترى.. ماذا يخبئ العام الجديد لأردوغان؟

يذهب عام «2020» تاركًا أردوغان أمام تكهنات بانقلاب وشيك من حليفه، دولت بهتشلي، زعيم حزب الحركة القومية، حيث يمكن أن يشهد العام المقبل انشقاقًا بين الحليفين بسبب رغبة العدالة والتنمية في العودة إلى الخط الذي سار عليه إبان عام 2014، وهو ما يتوقعه العديد من الباحثين في الشأن التركي، مثل الباحث في الرأي العام، إبراهيم أوسلو الذي قال خلال لقاء تلفزيوني في نوفمبر الماضي، إن تلك العودة المحتملة قد تدفع بهتشلي إلى الانسحاب من تحالف الشعب القائم بينه وبين الحزب الحاكم.

شاركنا بتعليقك

تقع المسؤولية الأدبية والقانونية للتعليقات والمساهمات المنشورة على الموقع، على صاحبها، ولا تعبر بأى شكل من الأشكال عن رأى إدارة الموقع