بمشاركة 6 دول.. شركات تركية تروج لصناعاتها الدفاعية في أنقرة
عماد الدين حسين يكتب لـ«تركيا الآن»: ديمقراطية أردوغان.. واستبداد الآخرين!!

عماد الدين حسين
ما هو أقرب إلى الكوميديا السوداء اعتقاد بعض أنصار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، داخل تركيا وخارجها، أن هذا النظام ديمقراطي منفتح، مقابل أنظمة استبدادية موجودة فى بقية البلدان المختلفة سياسيًا مع أردوغان.
لم أكن أصدق ذلك حتى شاهدت أحد هؤلاء يتحدث الخميس قبل الماضي على شاشة DW الألمانية فى نسختها العربية، مكررًا أن أردوغان ليس فى عزلة، بل خصومه هم من يعانون العزلة، وذلك تعليقًا على انعقاد «منتدى الصداقة» فى العاصمة اليونانية آثينا يوم الخميس قبل الماضي، بحضور كل من مصر واليونان وقبرص والأردن وفرنسا والسعودية والإمارات والبحرين.
والملاحظة الجوهرية أن كل هذه البلدان عانت بصورة أو بأخرى من تدخلات تركية فى شؤونها الداخلية، سواء بصورة فجة ومباشرة أو عبر أذرعها الإخوانية.
وما هو أقرب إلى العبث أن يقوم بعض أنصار أردوغان بعمل تصنيفات للدول الديمقراطية والأخرى الاستبدادية فى المنطقة!
لا أعرف من أعطاهم هذا الحق، ومن الذى علمهم هذه المعايير المزدوجة فى منح صفة الديمقراطية لنظام أردوغان، ومنح صفة الاستبداد لكل البلدان المختلفة معه.
رأيي وظني أن غالبية المنطقة العربية والإسلامية تعاني شدة من غياب الديمقراطية الحقيقية، منذ عقود لأسباب يطول شرحها، لكن ما أنا متأكد منه أن غالبية بلدان العالم صارت تنظر إلى نظام رجب طيب أردوغان، باعتباره موغلًا في الاستبداد وقمع شعبه ومعارضيه بصورة منظمة بل ومنهجية.
المنظمات الحقوقية والإعلامية تعلن بصورة تكاد تكون دورية انتهاكات نظام رجب طيب أردوغان للحريات العامة والحقوق الأساسية ليس فقط للأحزاب المعارضة، ولكن للمواطنين العاديين.
لا ينكر أحدٌ أن أردوغان وصل للحكم عبر صناديق الانتخابات، مستغلًا الأخطاء المتكررة للحكومات السابقة، ولا ينكر أحد أن حزبه (العدالة والتنمية)، تمكن عبر قيادته البلاد منذ عام 2002 وحتى عام 2011 من تحقيق إنجازات اقتصادية كثيرة، بل وإصلاحات في العديد من المجالات، مكنته من الاستمرار في الحكم، كل هذه السنوات، لكن الأكثر صحة أن أردوغان استخدم «السلم الديمقراطي الانتخابي التعددي»، للقفز على السطة ومحاولة تغيير قواعد اللعبة، بحيث يستمر فى السلطة بلا تغيير، وأي مراقب منصف للمشهد السياسي التركي في السنوات العشر الأخيرة، سوف يكتشف بسهولة أن أردوغان انقلب على كل ما له صلة حقيقية بالديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان، وصار نموذجًا واضحًا للمستبد غير العادل، الذي يحاول أن يفرض تصوراته، ليس فقط على بلده تركيا أو حتى المنطقة التى نعيش فيها، بل على العالم أجمع.
الواقع الحقيقي الذي لا يريد أردوغان وأنصاره رؤيته، تفضحه بيانات ومواقف المنظمات الحقوقية والصحفية الدولية.
منذ تمثيلية الانقلاب المزعوم في منتصف يوليو 2016، ونظام أردوغان وأجهزته، لا يتوقف عن ارتكاب كل أنواع الانتهاكات والاعتداءات بحق الديمقراطية والحريات والأحزاب السياسية والمجتمع المدني، بل وصل الأمر إلى انقلاب أردوغان على أقرب مساعديه الذين ساهموا بقوة في وصوله هو وحزب العدالة والتنمية للحكم، خصوصًا أحمد داود أوغلو، وعلى باباجان، ولا يمر أسبوع تقريبًا إلا ونجد انتقادًا منهما لممارسات أردوغان وسياساته، التى حولت تركيا إلى بلد معزول تقريبًا في المنطقة والعالم، بعد أن كانت تتباهى بشعار «صفر أعداء»، فصارت «صفر أصدقاء».
الإحصاءات الدولية وآخرها للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والعديد من المنظمات الحقوقية طبقًا لصحيفة «زمان» التركية بشأن عدد من دخلوا السجون خلال الـ11 عامًا الأخيرة ارتفع بمقدار 3.8 أضعاف، وخلال عام 2019 دخل السجن 281.6 ألف شخص مقارنة بعدد 74.4 ألف عام 2009، كما زادت كل أنواع الجرائم من السرقة والمخدرات والاغتصاب والنهب والنصب.
وحذر تقرير صادر عن مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل التابع للخارجية الأمريكية نهاية عام 2020 من ضلوع النظام التركي في انتهاكات حقوق إنسان بالجملة.
وحسب تقرير حقوقي أوردته شبكة «سى إن إن»، منتصف العام الماضي، فقد تم توقيف عشرات الآلاف من الأشخاص بشكل تعسفي بينهم محامون وبرلمانيون سابقون وصحفيون وأجانب وقضاة، وتم توثيق وفاة 38 حالة داخل السجون.
وبعد محاولة الانقلاب المزعومة، فرض أردوغان حالة الطوارئ التى هيأت له فصل 180 ألف موظف مدني، واعتقال 80 ألف مواطن، وإغلاق 1500 منظمة غير حكومية، وكل هذا لا يشمل الجرائم التي يرتكبها نظام أردوغان في المناطق الكردية أو شمال سوريا التي تحتلها قواته.
وقبل أيام قليلة كشف تقرير لجمعية حقوق الإنسان التركية عن زيادة مهولة فى حالات انتهاكات حقوق الإنسان، خصوصًا بسبب سلوكيات أردوغان الديكتاتورية وتداعيات فيروس كورونا، من هجمات واعتداءات على الأحزاب السياسية إلى عمليات ضد الأكراد، مرورًا بانتهاكات ضد المرأة والأطفال.
وفى ملف واحد هو حرية الفكر والتعبير فقد تم التحقيق مع 183 شخصًا فى 29 ملف تحقيق، وحوكم 119 شخصًا فى 17 ملفًا، وحكم على 230 شخصًا بالسجن والغرامة. وتدخلت قوات الأمن فى 19 مظاهرة عامة أو اجتماعًا مفتوحًا حتى تم حظر الاجتماعات والمظاهرات لأجل غير مسمى. انتهاكات نظام أردوغان للحريات وحقوق الإنسان تحتاج مجلدات.. وبعد كل ذلك يقولون ديمقراطية أردوغان!
شاركنا بتعليقك
تقع المسؤولية الأدبية والقانونية للتعليقات والمساهمات المنشورة على الموقع، على صاحبها، ولا تعبر بأى شكل من الأشكال عن رأى إدارة الموقع