بمشاركة 6 دول.. شركات تركية تروج لصناعاتها الدفاعية في أنقرة
عماد الدين حسين: عزوف الشباب التركي عن الزواج.. فقرًا أم ترفًا؟!

عماد الدين حسين
الرئيس التركي نصح الشباب بسرعة الزواج والاعتناء بالأسرة، بل زاد بقوله إنه في كل مرة يذهب لحضور حفلات زفاف، فإنه ينصح الزوجين بضرورة إنجاب 3 أطفال على الأقل لأننا نحتاج ذلك.
الكلام الذي قاله أردوغان يصلح أن يصدر عن واعظ ديني أو موجه تربوي أو خبير علاقات أسرية في دولة محافظة، لكنه لا ينبغي أن يصدر بهذا الشكل عن رئيس دولة، يفترض أنه يعرف كل البيانات والأرقام والمعطيات.
أي مسؤول في موقع الحكم يفترض أن يعرف أن هناك ظروفاً اقتصادية بالأساس هي التي تحكم تحديد متوسط سن الزواج وليس بسبب مزاج العازفين.
إحدى أهم مشاكل أردوغان أنه يتعامل مع الأمور، ليس بوصفه رئيس دولة مهمة مثل تركيا، ولكن باعتباره زعيم جماعة أو طائفة، والأخطر أن مساعديه بدأوا يقلدونه.
نتذكر أن حزبه «العدالة والتنمية» اقترح في يناير من العام الماضي فرض ضريبة على الشباب الذين لم يتزوجوا. هذا التحرك الغريب جاء بعد تصريحات مشابهة لأردوغان قال فيها إن ارتفاع معدلات العنوسة في تركيا، سببها تقليد المجتمعات الغربية، التي يعتبرها أردوغان تواجه خطر الانهيار، بسبب غياب مفهوم الأسرة، ويومها قال إن هناك محاولات من بعض وسائل الإعلام لتعزيز أشكال الحياة خارج نطاق الزواج.
قد اتفق مع أردوغان جزئياً في خطورة غياب مفهوم الأسرة، وتقليد بعض الشباب للنموذج الغربي المخالف تماماً للتقاليد والعادات والأعراف الإسلامية.
نعم هناك مشكلة تواجه العديد من الشباب العربي والمسلم في هذا الصدد، وبعضهم نسي قواعد ديننا وأخلاقنا وقيمنا، وبدأ يتعامل بقيم غريبة ومشينة، لكن عدد هؤلاء العازفين عن الزواج بسبب هذه الظاهرة تقليدًا للغرب، قليل للغاية، في حين أن سبب عزوف الغالبية هو الأوضاع الاقتصادية.
وأفضل رد على مواعظ أردوغان، جاءت من زعيمة حزب الخير المعارضة ميرال أكشنار، حينما قالت له ساخرة إن السبب وراء عزوف الشباب عن الزواج، أنهم ليسوا مثل أبناء قادة حزب العدالة والتنمية، الذين يتحولون بسيارات البورشه والمرسيدس، وينشرون صورهم على إنستجرام خلال وجودهم فى اليخوت والفيلات وحمامات السباحة، ويعلقون الأساور فى أيديهم. تضيف أكشنار أن غالبية الشباب التركي لا يمكنهم حتى شراء الأجهزة والمقاعد والأثاث والسجاد. وبالتالي فهم لا يمكنهم الإقبال على الزواج بسبب هذه الظروف الاقتصادية الضاغطة، وليس بسبب تقليد النموذج الغربي.
المفترض أن أردوغان هو أكثر شخص في تركيا يعرف حقيقة الظروف والأوضاع الاقتصادية. والمفترض أيضاً أنه يعرف أن قيمة الليرة انهارت بحوالي خمسين في المائة في السنوات الأخيرة، والاستثمارات هربت والعلاقات مع الجيران وغالبية دول العالم المؤثرة قد تأثرت سلباً بسبب مجمل سياسات أردوغان، خصوصًا مصر وبلدان الخليج واليونان وفرنسا.
وبسبب هذه السياسات يكاد الاقتصاد التركي يشهد حالة تراجع مخيفة، جعلت أردوغان يقيل 4 من رؤساء البنك المركزي لوقف انهيار الليرة، رغم أنه السبب الرئيسي في هذا الانهيار لنظرياته الاقتصادية والمالية التي ثبت أنها خاطئة تماماً. وبالتالي، فالمنطقي أن الشباب التركي ليس عازفًا عن الزواج، بل الأصح أنه غير قادر عليه، وبالفعل تراجعت نسبة الزواج لحوالى 4 في المائة، بل إن بعض الشباب أقدم على الانتحار، بسبب يأسه من الظروف الاقتصادية والاجتماعية!
تقديري أنه وبدلاً من كلمات أردوغان الوعظية، وبدلاً من الأفكار الغريبة لحزبه بفرض «ضريبة العزوبية» على الشباب، فعلى أردوغان أن يؤدي مهمته الأساسية، وهي تحسين الأوضاع الاقتصادية. لو فعل ذلك فسوف يتم حل الكثير من المشاكل، وفي مقدمتها إقبال الشباب على الزواج.
شاركنا بتعليقك
تقع المسؤولية الأدبية والقانونية للتعليقات والمساهمات المنشورة على الموقع، على صاحبها، ولا تعبر بأى شكل من الأشكال عن رأى إدارة الموقع