بمشاركة 6 دول.. شركات تركية تروج لصناعاتها الدفاعية في أنقرة
داليا زيادة تكتب: لماذا يعمل ياسين أقطاي ضد مصلحة أردوغان وضد مصلحة تركيا؟

داليا زيادة
إن المراقب لعملية المصالحة التي تجري منذ بضعة أشهر بين مصر وتركيا، سوف يتعجب من أمرين. الأمر الأول، وهو إيجابي، يتعلق بالتحولات الحادة في مواقف القيادة السياسية التركية تجاه جماعة الإخوان المسلمين، بما يعكس نية صادقة لتأسيس علاقات قوية وسوية مع مصر. الأمر الثاني، وهو سلبي، يتعلق بالتحركات المنفردة للدكتور ياسين أقطاي، مستشار الرئيس أردوغان، من أجل هدم كل مجهود يُبذَل في اتجاه التقارب بين تركيا ومصر...
منذ أن انتقلت محادثات المصالحة بين مصر وتركيا إلى المسار الدبلوماسي، في مارس، فإن الرئيس أردوغان، وكبار المسؤولين في الحكومة، لم يدخروا فرصة دون أن يؤكدوا على أهمية عودة العلاقات مع مصر وعلى صدق نيات تركيا في طي صفحة الماضي وحل الأمور التي تسببت في الشقاق بين مصر وتركيا قبل سبع سنوات، وفي القلب منها مسألة احتضان تركيا لعناصر جماعة الإخوان المسلمين.
كان آخر هذه التصريحات، الأمس الجمعة 25 يونيو، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، تانجو بيلجيش، الذي قال: «إن العلاقات التركية المصرية مهمة جداً لاستقرار وازدهار المنطقة، كما أن مصر أكبر شريك تجاري لتركيا في إفريقيا. نولي أهمية لعلاقاتنا التاريخية والثقافية المشتركة والاتصالات بين شعبينا». وقبل يومين، أصدرت تركيا الأوامر لعناصر جماعة الإخوان الموجودين على أراضيها والموالين لهم، بالتوقف تماماً عن كل الأنشطة الإعلامية التي يقومون بها من على الأراضي التركية، بما في ذلك أنشطتهم على منصات «السوشيال ميديا».
بين الحين والآخر، يشاع في بعض وسائل الإعلام، المصرية والتركية، خصوصاً تلك التي تبث أخبارها على لسان مصادر مجهولة، أن مسألة الإخوان، ليست هي العائق أمام المصالحة بين مصر وتركيا، وأن الملف الليبي هو العائق الأهم. لكن هذا الكلام غير حقيقي ولا يخدم أحدًا سوى الإخوان.
لم يصدر من أي مسؤول مصري أي تصريحات ترهن تطوير العلاقات بين مصر وتركيا بما يجري في ليبيا أو سوريا. على الرغم من تحفظات مصر المعلنة على التواجد العسكري التركي في ليبيا، مثلها كدول أخرى، فإن المسؤولين المصريين يفهمون تماماً أنها قضية معقدة والمتحكم الأول والأخير فيها هو الشعب الليبي وحكومة الوحدة الوطنية التي تمثله حالياً، وبالتالي لا يمكن ربط علاقة مصر وتركيا بها.
واحد من أكبر المروجين لهذه الأكذوبة هو الدكتور ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي الذي يتحدث اللغة العربية بطلاقة، وسبق أن زار مصر عدة مرات وأقام بها فترات طويلة، خصوصاً أثناء ثورة ٢٠١١ وبعدها مباشرةً. لمن لا يعرف، أقطاي هو مهندس العلاقة بين الدولة التركية والإخوان في مصر، خصوصاً في مرحلة وصولهم للحكم عام ٢٠١٢. وهو أيضاً أحد أهم عوامل تدهور العلاقات بين مصر وتركيا فيما بعد 2013، حيث أنه هو من سهل دخول عناصر الإخوان الهاربين من مصر إلى تركيا، وهو الذي يتولى رعايتهم منذ ذلك الحين، وهو المشرف والموجه الأول لكل أنشطتهم، لا سيما الإعلامية، التي ظلت تستهدف الدولة المصرية طوال السبع سنوات الماضية.
ياسين أقطاي، نفسه، لم يتوقف عن كتابة المقالات التي تسيء للدولة المصرية ولرئيس مصر، حتى بعد أن بدأت الدولتين في التقارب. في الفترة الأخيرة، مع تطور العلاقات المصرية التركية بشكل إيجابي، اشتدت حدة هجوم أقطاي على مصر، وكأنه يتعمد تدمير أي أمل في تحسن العلاقات بين البلدين. مع الأسف، فإن المسؤولين والجماهير في مصر يأخذون كلماته على أنها تمثل النظام الحاكم في تركيا، وأنها تمثل موقف الرئيس أردوغان شخصياً، فهو ليس مجرد كاتب عادي يقول رأيه الشخصي في الأحداث، هو رجل ذو حيثية نظراً لمنصبه كمستشار الرئيس أردوغان.
فهل تعلم الدولة التركية كيف أن أقطاي يسيء تمثيلها أمام الجمهور المصري؟ هل يعلم الرئيس أردوغان ووزير الخارجية جاويش أوغلو ووزير الدفاع خلوصي أكار، حجم الحرج الذي يضعهم فيه أقطاي؟ كلما قال أحدهم تصريحاً إيجابياً عن التقارب مع مصر، يخرج أقطاي بتصريحات مناقضة تماماً لتشتيت الجمهور المتلقي في مصر وإثارة غضب المسؤولين المصريين، وغالباً ما تكون كتاباته المغرضة تلك باللغة العربية، وبالتالي تكون ذات تأثير أكبر بين المصريين عن التصريحات التي يقولها الرئيس والوزراء باللغة التركية.
أنا، ومثلي كثيرون، لا نستطيع أن نفهم كيف تسنى للمستشار الرئاسي أقطاي أن يتبنى موقفًا مغايرًا لموقف رئيسه وموقف دولته بشأن مصر. ولماذا يتعمد أقطاي العمل منفرداً هدم مجهودات المصالحة التي تقوم بها دولته تجاه مصر؟ لماذا يعمل أقطاي ضد مصلحة رئيسه ومصلحة بلده؟ هل وصل ولاء أقطاي لجماعة الإخوان لدرجة تجاوزت ولاءه لوطنه، فأصبح يعمل لمصلحة الإخوان حتى لو أنها تتعارض مع مصلحة وطنه؟
إن تحركات أقطاي المنفردة لهدم مساعي المصالحة المصرية التركية هي أمر شديد الخطورة ويحتاج إلى وقفة حاسمة من الدولة التركية. وحتى يتم ذلك، على المسؤولين في الدولة المصرية، والإعلام المصري أيضاً، تجاهل التصريحات والكتابات الهدامة التي تخرج من أقطاي، فقد أصبح جلياً أنه صاحب غرض، وأنه لا يخدم سوى أجندة الإخوان.
شاركنا بتعليقك
تقع المسؤولية الأدبية والقانونية للتعليقات والمساهمات المنشورة على الموقع، على صاحبها، ولا تعبر بأى شكل من الأشكال عن رأى إدارة الموقع