«مركبات وطائرات ورصاص».. خريطة صفقات السلاح التركي في أفريقيا

المدرعة التركية Ejder Yalçin في عرض عسكري بتشاد

المدرعة التركية Ejder Yalçin في عرض عسكري بتشاد

كتب: خالد أبو هريرة

المقطع المتداول حديثًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لمركبات مدرعة تركية الصنع من طراز «يوروك NMS Yörük 4 × 4» تجوب شوارع تشاد، والذي يعني إتمام صفقة سلاح جديدة بين تركيا والدولة الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، يفتح الشهية لحصر عمليات بيع السلاح التركي إلى القارة السمراء خلال السنوات القليلة الماضية، والتي تبرز حجم النفوذ الذي بلغته أنقرة في أفريقيا الموبوءة بالانقلابات العسكرية، والأزمات الإنسانية والاقتصادية، والدول الفاشلة.

ومن المعروف أن أفريقيا احتلت -ولا تزال- موقعًا رئيسًا في القلب من السياسة الخارجية التركية طوال العقدين الماضيين، اللذين احتكر خلالهما حزب العدالة والتنمية وزعيمه رجب طيب أردوغان السلطة في أنقرة، بعد أن اعتبر العثمانيون الجدد، وهو الاسم المفضل لقادة العدالة والتنمية، تحرر تركيا من إسارها الجيوسياسي في محيط أوراسيا، حيث التفاعل إما مع أوروبا أو مع الجمهوريات الناطقة بآسيا الوسطى، والعودة إلى مناطق النفوذ العثماني القديم في العالم العربي وشرق أفريقيا، بل وتجاوز تلك الأخيرة حتى إلى مناطق لم تصل إليها الإمبراطورية العثمانية أبدًا، هو السبيل الأكثر نجاحًا كي تصبح أنقرة رقمًا صعبًا على مستواها الإقليمي والدولي.

يتضح هذا التوجه الأفريقي على أكمل ما يكون في الأرقام المثيرة للانتباه للوجود التركي في القارة السمراء منذ صعود العدالة والتنمية إلى الحكم، حيث حقق الرئيس رجب طيب أردوغان رقمًا قياسيًا بزيارته أكثر من 30 دولة أفريقية، لتدشين علاقات متعددة التوجهات معها. كما وصل عدد السفارات التركية في أفريقيا من 12 سفارة فقط في العام 2002، أي قبل عام واحد من فوز أردوغان برئاسة الوزراء في أنقرة للمرة الأولى، إلى 44 سفارة في العام 2021 (تطمح تركيا في الوصول بهذا الرقم إلى 50 سفارة)، مقابل 37 سفارة لدول أفريقية في أنقرة. بينما ارتفع حجم التجارة البينية بين تركيا والدول الأفريقية إلى حوالي 23 مليار دولار، مع نية أنقرة زيادته إلى 50 مليار دولار.

أردوغان

 

إلى جانب كل ذلك، تكثف تركيا من وجودها في أفريقيا، خصوصًا في المناطق الأكثر هشاشة منها، أي القرن الأفريقي في شرق القارة، ودول الساحل والصحراء في غربها، حيث تمتلك في الأولى، تحديدًا في الصومال، أكبر قاعدة عسكرية على الإطلاق خارج تركيا، بينما تحاول في الثانية إزاحة منافسها الكبير، فرنسا، ووراثة موقع الأخيرة العسكري والاقتصادي.

ميناء مقديشو

 

أما بالنسبة لصفقات السلاح التركية - الأفريقية، وهي الموضوع الأساسي لهذا التقرير، فهي تدور بشكل أساسي حول ثلاثة أنواع من المنتجات الدفاعية التركية المقدمة إلى دول القارة: المركبات الدفاعية من طراز خضر Hızır 4 × 4، وتنتجها شركة الدفاع التركية قطمرشيلار Katmerciler، ويوروك NMS Yörük 4 × 4، وإيجيدير يالشين Ejder Yalçin 4 × 4، من إنتاج شركة الدفاع التركية نورول Nurol Makina، والطائرات المسيرة من طراز تي بي 2 بيرقدار Bayraktar TB2، من إنتاج شركة الدفاع التركية بايكار Baykar Makina.

خضر
هي مركبة ذات دفع رباعي 4×4 اجتازت اختبارات الجيش التركي في يناير من العام 2019. تزن 16 طنًا، وتبلغ سرعتها 110 كيلو مترات في الساعة، كما يصل مداها إلى 700 كيلو متر، وحمولتها إلى 9 جنود. وأكدت الشركة المنتجة لها قدرتها على تأمين مستويات عالية من الحماية أثناء القتال والتنقل، إضافة إلى توفير حماية عالية ضد تأثير الألغام.

في يوليو من العام 2019، احتفلت شركة قطمرشيلار Katmerciler المنتجة بأول شحنة من مركبات خضر المصدرة إلى أفريقيا، دون تحديد وجهتها بالتحديد. ولكن تتبع الأقمار الصناعية لسفينة الشحن التركية التي أقلت المدرعات، كشف عن رسوها أخيرًا في جيبوتي. وذلك قبل أن تحتفل العاصمة الأوغندية كمبالا، بوصول مجموعة من خضر إليها، والاحتفال بها في عرض عسكري في يناير من العام 2021. كما أعلنت قطمرشيلار في العام المنصرم نفسه، عن توصلها إلى اتفاق مع الحكومة الكينية لشراء 118 مدرعة من خضر، تنوي الشركة تصديرها إلى نيروبي خلال عامين.

المركبة خضر

 

إيجيدير يالشين ويوروك
أما إيجيدير يالشين، فهي مركبة ذات دفع رباعي 4×4، بدأ إنتاجها في العام 2014. قدرتها على التحمل تصل إلى 4 أطنان، كما تستطيع استيعاب 11 فردًا. وهي مجهزة بنظام أسلحة يتم التحكم فيه عن بعد، يشتمل على رشاشات من عيار 7.62 ملم و 12.7 ملم، إلى جانب مدفع مضاد للطائرات عيار 25 ملم وقاذفة قنابل آلية 40 ملم.

وبالنسبة ليوروك، فهي مركبة ذات دفع رباعي 4×4، أطلقت للمرة الأولى أثناء المعرض الدولي للصناعات الدفاعية (IDEF)، والذي عقد في إسطنبول في مايو من العام 2017. وهي مزودة بنظام أسلحة يتم التحكم فيه عن بعد، يعلوه مدفع رشاش من عيار 7.62 ملم أو 12.7 ملم. كما يمكن تزويد المركبة بنظام إطلاق صواريخ من عيار 40 ملم المضاد للدبابات. ويوروك تزن ثمانية أطنان، وتعتبر قادرة على حمل نصف هذا الوزن بالكامل.

بدأت نورول في تسويق إيجيدير يالشين ويوروك سريعًا داخل السوق الأفريقية. ففي العام 2018، قدمت تركيا تقريرًا إلى سجل الأسلحة التقليدية التابع للأمم المتحدة UNOOCA، يفيد بتصدير 20 مركبة مدرعة إلى تشاد، لم تلبث أن ظهرت خلال عرض عسكري أقامته تشاد في العاصمة نجامينا في 11 أغسطس من العام 2021، ومقطع الفيديو الأخير من إحدى شوارع تشاد، والذي تظهر فيه ثلاث مدرعات من طراز يوروك يؤكد على إتمام صفقة غير معلنة بين تركيا وحكومة نجامينا.

كما أن يناير الماضي، شهد وصول العشرات من المركبات من طراز إيجيدير يالشين إلى ميناء دوالا المخصص للجيش التشادي، حيث أفادت تقارير بنية الجيش التشادي استخدامها مع مركبات من نفس النوع، في وحدات قتالية نشطة ضمن بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في دول مالي.

كذلك حصلت دولة بوركينا فاسو على شحنة من مركبات إيجيدير يالشين Ejder Yalçın TTZA.

يوروك

 

بيرقدار
تعتبر الطائرة المسيرة بيرقدار تي بي 2، أشهر سلاح يستخدمه الجيش التركي خلال الوقت الحالي، خاصة بعد أثبت فاعليته في ميادين القتال التي شارك فيها باسم الجيش التركي، كما هو الحال في شمال سوريا، أو باسم حلفاء تركيا، كما هو الحال في ليبيا، أو في حرب كاراباخ بين أذربيجان وأرمينيا.

خلقت هذه السمعة الإيجابية سوقًا رائجة لبيرقدار في أفريقيا. وإضافة إلى إثيوبيا التي اعتمدت على الدرونز التركية في حربها ضد جبهة تحرير تيجراي، بل وقلبت باستخدامها - رفقة الدرونز الصينية من طراز لونج وينج 2 والدرونز الإيرانية مهاجر 6 - موازين الحرب لصالحها، فقد عرفت بيرقدار طريقها كذلك إلى دول شمال أفريقيا، حيث طلبت المملكة المغربية في الربع الأول من العام 2021، شراء 13 طائرة من دون طيار من طراز «بيرقدار تي بي 2» ومعداتها الأرضية من تركيا. بينما كانت وزارة الدفاع التونسية، قد أعلنت في نهاية العام 2020، عن صفقة لشراء طائرات مسيرة تركية من طراز «عنقاء»، تبلغ قيمتها 80 مليون دولار أمريكي.

الطائرات المسيرة بيرقدار

 

مبيعات أخرى
اشتملت مبيعات الأسلحة التركية إلى أفريقيا أيضًا على أصناف أخرى. منها على سبيل المثال، ما شهده المعرض الدولي الخامس عشر للصناعات الدفاعية في إسطنبول، من توقيع شركة الدفاع التركية «كيميا اندوستريسي» MAKİNE ve KİMYA ENDÜSTRİSİ A.Ş، لعقود بيع أسلحة وذخيرة إلى القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل G5، تتضمن بنادق قنص من طراز Bora-12، ومدافع رشاشة من طراز PMT-76، إلى جانب ذخيرة من عيارات مختلفة.

شاركنا بتعليقك

تقع المسؤولية الأدبية والقانونية للتعليقات والمساهمات المنشورة على الموقع، على صاحبها، ولا تعبر بأى شكل من الأشكال عن رأى إدارة الموقع