بمشاركة 6 دول.. شركات تركية تروج لصناعاتها الدفاعية في أنقرة
مصالح أنقرة بين موسكو وكييف.. كيف ستؤثر الحرب على تركيا حال اندلاعها؟

أردوغان والرئيس الروسي والرئيس الأوكراني
كتبت: أسماء علاء الدين
بعد أن اشتعل فتيل النيران بين روسيا وأوكرانيا؛ إثر إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اعتراف موسكو، باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين عن أوكرانيا، بدأ يلوح في الأفق سؤالًا حول ما هو تأثير اندلاع الحرب بين الطرفين على تركيا.
طرح هذا السؤال نفسه بقوة بعد إعلان بوتين، مرسومًا بشأن اعتراف روسيا باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين عن أوكرانيا، مشيرًا إلى أن فلاديمير لينين مؤسس أوكرانيا والبولشفيين قدموا تنازلات كثيرة للقوميين المتعصبين، وأن أوكرانيا المعاصرة تم إنشاؤها على حساب الأراضي الروسية تاريخيًا.
وأثار أيضًا تأكيد الرئيس أردوغان على رفض أنقرة قرار بوتين في حين أن هناك مجالات تعاون عدة تجمع بين الدولتين، السؤال عينه، إذ قال أردوغان في تصريحات صحفية أثناء وجوده بالسنغال: «بذلنا جهودًا صادقة لتخفيف حدة التوتر في هذه الأزمة. قرار روسيا بالاعتراف بما يسمى بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك يتعارض مع اتفاقيات مينسك. القرار يشكل انتهاكًا واضحًا لوحدة أوكرانيا السياسية وسيادتها وسلامتها الإقليمية. نكرر دعوتنا للأطراف لاحترام الفطرة السليمة والقانون الدولي»، وذك وفقًا لما ذكره موقع «يني تشاغ» التركي.
بصرف النظر عن مجالات التعاون التجاري والعسكري التي بين تركيا وأوكرانيا وروسيا، إلا أن إحدى أهم القضايا التي ستؤثر بشكل مباشر على المواطنين إذا اندلعت الحرب بين موسكو وكييف، هي الغذاء. ففي حالة الحرب، ستتأثر واردات تركيا من القمح، وبناءً على ذلك ستحطم أسعار الخبز أرقامًا قياسية غير مسبوقة.
ومن المتوقع أن تحطم أسعار الخبز والدقيق في تركيا الأرقام القياسية، ففي عام 2021، تجاوزت تركيا حتى الصين لتصبح الدولة التي تستورد معظم المنتجات الزراعية من روسيا، وذلك وفقًا لما ذكرته وكالة «سبوتنيك» في نسختها التركية.
وفي الوقت الذي يُبرز فيه القمح - « كمنتج استراتيجي» - في واردات تركيا من روسيا، يزداد الاعتماد على المنتجات الغذائية الأساسية مثل الشعير وفول الصويا وعباد الشمس والذرة تدريجيًا، ويعتبر العديد من الخبراء أن السياسات الخاطئة لتركيا برئاسة أردوغان في الزراعة بعد الطاقة، ستزيد من قوة روسيا على أنقرة.
وقد بدا تأثير التوترات بين روسيا وأوكرانيا إثر قرار بوتين، واضحًا وجليًا بشكل عام، إذ ارتفعت أسعار القمح بنسبة 2%، بسبب المخاوف المتعلقة بالشحنات من البحر الأسود، في حين أنه ارتفعت أسعار الذرة إلى أعلى مستوى في 7 أشهر، بحسب موقع «سوزجو» التركي.
وارتفعت العقود الآجلة للقمح المتداولة في بورصة شيكاغو، بأكثر من 2%، وسط مخاوف من أن الشحنات من مصدري الحبوب الرئيسيين في منطقة البحر الأسود قد تتعطل بسبب تصاعد الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، بحسب «رويترز».
ووفقًا لبيانات معهد الإحصاء التركي، لوحظ في عام 2021، انخفاض كبير في إنتاج المواد الغذائية الأساسية بتركيا، من الحبوب إلى البقوليات. ومقارنة بالعام السابق (2021)، تجاوزت خسائر إنتاج الشعير والعدس الأحمر 30%، فيما بلغت خسارة إنتاج القمح – المكون الرئيسي للدقيق والخبز – 14%.
وفي حديث لصحيفة «دويتشة فيلة» الألمانية – في نسختها الناطقة باللغة التركية –أشارالكاتب التركي، علي يلدريم أكبر، إلى أن تركيا تعتمد في الوقت الحالي بشكل كبير على الأسواق الروسية في مجال الزراعة، وخاصة منتجات الحبوب، سواء من القمح، أو الشعير، أو فول الصويا، وعباد الشمس والذرة. حتى أن بعض المنتجات مثل الحمص، التي تقدمها إلى منظمات المساعدة التابعة للأمم المتحدة، تشتريها من روسيا.
وانعكاسًا لما يحدث، يعتبر العديد من الخبراء، أن رغيف الخبز سيشهد زيادات لا يمكن التنبؤ بها، وذلك في ظل أن المواطن التركي لا يستطيع شراءه، بعد فرض الحكومة زيادات نتيجة لانهيار دفة الاقتصاد، حتى أن الطوابير التي تمتد الأمتار والتي يقف بها المواطن لعدة ساعات كانت قد تصدرت الصحف العالمية حينها، لكن في حال اندلعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا ستُفرض زيادات وسيناريوهات لا يمكن التنبؤ بها حتى الآن.
وأشار رئيس فرع غرفة إسطنبول، مراد كابيكيران، أن روسيا بدأت في ربط نفسها بتركيا، ليس فقط في مجال الحبوب، بل أيضًا في النخالة والأسمدة. واستنكر استيراد الحبوب من تركيا في حين أن الأناضول تُعتبر موطنها.
حتى أنه ذهب بنا إلى أبعد وأخطر من ذلك، إذ رأى أن الحرب التي من الممكن أن تندلع بين روسيا وأوكرانيا في أي وقت، سترفع سعر الخبز في تركيا إلى مستويات قياسية في وقت قصير، وقال في حديثه لدويتشة فيلة، «من السهل جدًا ومن الممكن توقع ارتفاع أسعار الخبز إلى مستويات لا يمكن التنبؤ بها. وأعتقد أن 5 ليرات لن تكون كافية».
ولا ننسى في سياق ذلك، أن إشارة الرئيس بوتين الغامضة، إلى تركيا والعثمانيين، أثناء إعلانه استقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا، إذ عاد إلى الوراء بقوله: «في الماضي كانت سواحل البحر الأسود تُستخدم كساحة معركة ضد تركيا والعثمانيين في القرن الثامن عشر. والآن يريدون تدمير هذا، يريدون تدمير وصولنا إلى البحر الأسود»، قد رسمت سيناريوهات وتحليلات أبرزها كان أن روسيا تعتبر تركيا عدوًا لها، وأن الأخيرة قد تتضرر كثيرًا في حال وضعها بوتين في القائمة السوداء. وفي الواقع عند الرجوع إلى الوراء قليلًا فيما يتعلق بعدم زيارة بوتين إلى تركيا حتى الآن، وعدم تحديد موعد لزيارته، وفوق ذلك اتخاذ بوتين مثل هذا القرار قبل توسط أنقرة برئاسة أردوغان، يرسم صورة مفاداها أن العلاقات متوترة بين الدولتين.
وكانت هذه الصورة المتوترة مرسومة بالفعل قبل حوار بوتين، عندما اعتبر التليفزيون الروسي الرسمي (قناة روسيا1) أن أكثر القادة المستفدين من الحرب بين موسكو وكييف، الرئيس رجب طيب أردوغان.
فبحسب وكالة «سبوتنيك» الروسية، أثار مقدم برامج مقرب من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ضجة وحالة من تأجيج التوتر في ظل الأزمة المشتعلة بالفعل بين موسكو وكييف، حيث عرض في قسم من البرنامج الذي يُذاع على التليفزيون الروسي الحكومي (قناة روسيا 1)، سؤالًا عن «أي القادة بحاجة إلى الحرب؟»، بمعنى ستخدم مَن الحرب.
وعرض المذيع في «قائمة الفضيحة» - بحسب ما وصفتها الصحيفة - عدة صور للقادة الدوليين، من ضمنهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وذلك ردصا على السؤال الذي طرحه: «الحرب ستخدم من؟».
وهنا يترجم المحلل الروسي، أيدن سيزر، حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعرض صورة الرئيس أردوغان باعتباره عدوًا لموسكو، بشكل ضمني، في مقال تحليلي بعنوان: «تركيا ستكون من أكثر الدول المتضررة» - في حال اندلعت حرب – إذ يؤكد أن تركيا ستكون من أكثر الدول المتأثرة بالمشهد الحالي، وذلك في حال لم تتجنب الرودو الفورية بشأن قرار بوتين، حيث سيؤثر ذلك على العلاقات سلبًا.
وقال في تحليله للمشهد لموقع «ديكان» التركي، نصًا، «تركيا لم تمتثل لقرار الحظر على غزو القرم. والآن، بناءً على العلاقات التي تم تطويرها داخل الناتو، يبدو أن أنها لن تكون قادرة على التخلص من ذلك بسهولة. وهذا يشير إلى أن تركيا ستكون واحدة من أكثر الدول المتضررة. إذ اتخذت تركيا خطوة تجاه إدانة هذا القرار (قرار بوتين) فسيكون هذا بمثابة قبلة الموت. أعتقد أن تركيا يجب أن تكون هادئة، حتى لو كان ذلك ولو لوقت قليلًا. وإذا كانت سترد، فيجب ترك ذلك للوقت».
أما عن قضية الغاز الطبيعي الخاضعة لعقود تربط بين تركيا وروسيا، رأى سيزر أنه لن تكون هناك مشكلة بالنسبة لها، بل المشكلة الفعلية ستكون ضرر في العلاقات الثنائية، وهذا يشمل توقف بعض المشاريع في قطاع السياحة، والتجارة، والبناء، حتى محطة أكويو النووية، علمًا بأن الرئيس أردوغان قد أعلن في وقت سابق بأنه في عام 2023 سيتتم افتتاح أول مفاعل من المحطة، مشيرًا إلى إمكانية إنشاء محطة ثانية أخرى مع روسيا.
وبالنظر إلى اعتماد تركيا بشكل كبير، على روسيا، سواء في المنتجات الغذائية، أو في مجال التجارة أو المجال العسكري، هذا إلى جانب المشاريع التي تجمع بين البلدين سواء في قطاع السياحة أو محطة الطاقة النووية التي تمثل مشروعًا مهمًا لأنقرة، نرى أن الرئيس أردوغان في مأزق في حال اندلاع حرب بين كييف وموسكو بسبب الوضع الاقتصادي المتردي، والمأزق الأكبر يكمن في أي طرف سيحارب- علمًا بأن أردوغان أكد دعمه لسيادة أوكرانيا واعتبر قرار بوتين انتهاكًا غير مقبول تمامًا- ولكن الوقت هو من يجيب على علامة الاستفهام العالقة بالأذهان.
شاركنا بتعليقك
تقع المسؤولية الأدبية والقانونية للتعليقات والمساهمات المنشورة على الموقع، على صاحبها، ولا تعبر بأى شكل من الأشكال عن رأى إدارة الموقع