هل يكون العراق ساحة الحرب الثالثة لأردوغان بالمنطقة؟ (4 سيناريوهات متوقعة)

أردوغان

أردوغان

لا تزال إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مستمرة في أعمالها العدوانية في بقاع مختلفة من العالم. إذ تواصل تركيا، منذ يوم الأحد الماضي، هجماتها بلا انقطاع على شمال العراق، حيث تقصف القوات الجوية والبرية التركية الأراضي العراقية خلال عمليات «مخلب النسر» و«مخلب النمر»، التي بدأتها تركيا ضد «وحدات حزب العمال الكردستاني»، الذي تصنفه كـ«منظمة إرهابية». يُذْكَر أيضاً أن قوات الكوماندوز التركية دخلت منطقة هفتانين، شمال العراق، على بعد حوالي 15 كم من الحدود.

 

عمليات عسكرية تركية في شمال العراق

إلى جانب ذلك، أعلنت وزارة الدفاع التركية أن العمليات استهدفت معاقل لحزب العمال الكردستاني في مناطق سنجار وقرجيك وقنديل والزاب وأفشين وجارا وباسيان وهاكورك وغيرها شمال العراق.

 

هجمات الأكراد ذريعة التدخل التركي

وعزت الوزارة العملية الجديدة إلى ما سمته «ازدياد الهجمات في الآونة الأخيرة ضد مراكز الشرطة والقواعد العسكرية التركية، الواقعة قرب الحدود العراقية». وأشارت إلى أن نشر قوات «الكوماندوز» سبقته عملية قصف مكثف بالمدفعية. وقالت إن القوات التركية مهدت للتوغل البري بقصف أكثر من 150 هدفاً لـ«العمال الكردستاني» في شمال العراق بالمدفعية وراجمات الصواريخ. وأضافت أن قواتها بدأت «دخول أوكار الإرهابيين».

وتقول كارزان علي، الصحافية المتخصصة في العلاقات التركية الكردية، إن تركيا تشن مثل هذا النوع من العمليات في المنطقة منذ سنوات عديدة، لكنها تؤكد ـ في الوقت ذاته ـ أن تلك العملية التي بدأت مساء الأحد تعد شاملة وواسعة النطاق بالمقارنة مع العمليات السابقة.

 

حلف تركي - إيراني ضد الأكراد

شيء آخر يميز تلك العمليات هي أنها تأتي في وقت تستهدف فيه كل من تركيا وإيران الجماعات الكردية بصورة متزامنة. فمع استمرار تصاعد العمليات؛ قام وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، بزيارة إلى تركيا في الأسبوع الماضي.

 

هل هناك تواطؤ دولي مع أردوغان ضد الأكراد؟

لكن الأمر اللافت للنظر حقاً هو عدم وجود أي إدانات دولية تجاه تلك العمليات التركية بخلاف ردة الفعل الضعيفة القادمة من الحكومة العراقية في بغداد، التي استنكرت تلك الانتهاكات التي لا تنسجم مع التزامات حسن الجوار وفق الاتفاقيات الدولية، وتعد انتهاكاً صارخاً للسيادة العراقية. حتى أن إدارة إقليم كردستان العراق، التي استهدفتها تلك العمليات، لا تزال تلتزم الصمت تجاه تلك التجاوزات التركية. والسبب في ذلك يرجع إلى رغبة حكومة أربيل، التي لها علاقات سيئة مع بغداد، في عدم الدخول في مواجهة مع تركيا وتفادي عداوتها.

 

سيناريوهات المغامرة العسكرية التركية شمال العراق

حالياً هناك العديد من السيناريوهات التي يتحدث عنها خبراء السياسة بشأن ما يدور خلف كواليس شن تركيا ثالت مغامراتها العسكرية في العراق، بعد حروبها في سوريا وليبيا.

السيناريو الأول: هو قطع خطوط إمدادات الجماعات الكردية العاملة في شمال وشرق سوريا. فقد كانت الجماعات الكردية، التي تسيطر على الأجزاء الشمالية الشرقية والشرقية من سوريا، تتفاوض مع بعضها البعض لفترة طويلة بوساطة الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا في محاولة للتوصل إلى حل وسط وتوافقي بينهما. وبحسب آخر الأخبار الواردة من المنطقة، فإن هذه الجماعات في طريقها إلى التوافق. لكن مثل ذلك الأمر غير مرغوب فيه بالنسبة لتركيا التي لا يمكن أن تذهب أبعد من ذلك ضد الجماعات الكردية السورية، بسبب الاتفاقيات التي أبرمتها مع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا.

ترى تركيا كذلك أن فكرة إقامة دولة كردية لا يمكن أن تقوم لها قائمة دون الوصول للبحر الأبيض المتوسط. ولهذا السبب؛ فإنها تسعى إلى تفكيك الجماعات الكردية الموجودة في شمال سوريا، ومنعها بصورة مستمرة من إحكام السيطرة على أي قطعة أرض. وبغية تحقيق هذا الأمر؛ نفذت تركيا أربع عمليات رئيسية كبرى في شمال سوريا منذ عام 2016 أحكمت من خلالها قبضتها على حوالي 10 في المائة من الأراضي السورية.

السيناريو الثاني: هو أن تستخدم تركيا، حزب العمال الكردستاني، ذريعة للتوغل في شمال العراق، والمضي قدماً نحو الاستقرار في الموصل. فلدى تركيا حالياً معسكر عسكري كبير في بعشيقة بمحافظة نينوى شمال العراق. وبخلاف هذا المعسكر؛ هناك جنود ووحدات استخباراتية تركية متمركزة في العديد من النقاط المهمة في شمال العراق. وخلال فترة تولي نوري المالكي رئاسة وزراء العراق؛ مرت علاقات البلدين بفترة من التوتر الشديد فيما يتعلق بقاعدة بعشيقة العسكرية، لكن أنقرة لم تغلق القاعدة وأصرت على عدم سحب قواتها منها.

السيناريو الثالث: هو سعي أردوغان الدائم إلى زيادة شعبيته من خلال خوض الحروب؛ إذ يبدو أن الحروب التي خاضها في سوريا وليبيا حتى الآن لم تعد تجذب انتباه الشعب ولم يعد يعيرها اهتماماً. وسعياً منه لمنع الشعب من التفكير في مشاكله الخاصة التي تتعلق في المقام الأول بالأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وغلاء المعيشة، وتكاليف الحياة، فإنه دائماً يدخل في معارك من خلال اتخاذ خطوات ملحوظة. ونتيجة لهذا، يحاول أردوغان دائماً استغلال كراهية الشعب للجماعات الكردية وحزب العمال الكردستاني.

السيناريو الرابع: يكمن ذلك في توسيع مناطق السيطرة والنفوذ قدر المستطاع من خلال الاستفادة من عدم مبالاة الولايات المتحدة وأوروبا بالمنطقة. فإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قررت، في شهر أكتوبر من العام الماضي، الانسحاب من شمال سوريا لتترك بذلك المجال لتركيا للتحرك في تلك المناطق كيفما تشاء. وبالمثل، هناك إشارات حول سعي الإدارة الأميركية إلى سحب قواتها من العراق أو على الأقل تخفيض عدد الجنود بشكل أكبر. نفس الأمر ينطبق على روسيا أيضاً. فعلى الرغم من أن روسيا تبدي اهتماماً كبيراً بالمنطقة، إلا أنها لا تستطيع تحقيق ما ترنو إليه في المنطقة بسبب الصدمات الاقتصادية التي تواجهها والضغوط الأميركية عليها. كما تواجه دول الاتحاد الأوروبي أيضاً صعوبات في عدم تطوير استراتيجية عمل مشتركة بشأن السياسة الخارجية. كل هذه التطورات تتيح لأردوغان الفرصة للعمل بشكل مريح في المنطقة.

لا يوجد جنرال في الجيش التركي يمكنه إيقاف سياسات ومغامرات أردوغان، الذي يتصرف كما يريد بعد تصفية كبار الضباط والقادة من الموالين للغرب وحلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد محاولة الانقلاب المزعومة في 15 يوليو 2016. بل على العكس من ذلك، فإن العديد من كبار القادة في الجيش التركي يعتنقون أفكار «جماعة أرجنكون/ الدولة العميقة»، ومفاهيم «القومية» و«الأوراسية»، ما يدفعهم إلى الاعتقاد بأنه ينبغي على تركيا توسيع نطاق نفوذها من خلال الأنشطة العسكرية. ولا شك أن نظرة القادة الذين يتبعون هذا الفكر إلى الأكراد والقضية الكردية تؤثر بشدة على نظرة أردوغان إلى سوريا والعراق.

 

هل تكون اليمن الجبهة الرابعة لحروب أردوغان؟

وفي الختام؛ لا أحد يعرف أين سيتوقف أردوغان الذي انخرط في حرب شرسة في العراق بعد مغامراته في سوريا وليبيا، فهناك العديد من الدلائل على أن الهدف التالي هو اليمن. إذ تشكل أماكن الصراع الداخلي والحروب والفجوات الإدارية والمناطق التي ينشط فيها الإخوان المسلمون أهم بؤر الانتشار لأردوغان.

على ما يبدو؛ فإن الرئيس التركي سيواصل اتباع استراتيجية أكثر قوة في المنطقة طالما ظلت القوى الدولية صامتة تجاه كل تصرفاته وحماقاته. فبينما نقول سوريا وليبيا والعراق واليمن والصومال وتونس والسودان وشرق البحر المتوسط ​​والبلقان، فإننا لا نعرف أي دولة أو دول يمكن أن تأتي بعد ذلك في أجندة العدوان التركي. لكن من المؤكد أن استراتيجية الحرب هذه ستستمر طالما ظل أردوغان في السلطة.

شاركنا بتعليقك

تقع المسؤولية الأدبية والقانونية للتعليقات والمساهمات المنشورة على الموقع، على صاحبها، ولا تعبر بأى شكل من الأشكال عن رأى إدارة الموقع