بمشاركة 6 دول.. شركات تركية تروج لصناعاتها الدفاعية في أنقرة
العلاقات التركية العربية.. تحسن في الاقتصاد وثبات على القناعات والأيدلوجيات

أردوغان
دراسة: د. أيمن سمير
يبدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جولة خليجية في 12 فبراير القادم سوف تقوده لأول مرة منذ سنوات لزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ورغم تسارع وتيرة التقارب التركي مع الإمارات والسعودية، إلا أن المسار المصري التركي لم يشهد خطوات علنية كبيرة على غرار المسارين الإماراتي والتركي، نظراً لحجم التداخل والتشابك التركي مع قضايا الأمن القومي المصري المباشر في 3 قضايا مصرية مصيرية، وهي شرق المتوسط وليبيا وإثيوبيا، فرغم إقرار تركيا بأن مصر التزمت بالقانون الدولي وباتفاقية الأمم المتحدة لتقسيم أعالي البحار عام 1982، وأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المصرية اليونانية في يونيو 2021، احترمت الحدود البحرية لتركيا والجرف القاري التركي، إلا أن الخطاب الإعلامي والسياسي التركي حول شرق المتوسط لم يشهد أي جديد باستثناء توقف سفن البحث التركية عن التحرش بالسفن اليونانية والقبرصية، وهو أمر يرجعه البعض لانشغال سفن البحث والتنقيب التركية في العمل في البحر الأسود الذي ترى احتمالية وجود غاز أكبر بالنسبة لتركيا من البحر المتوسط.
السبب الثاني الذي يعرقل الانفتاح المصري التركي الكامل تجاه بعضهما البعض هو عدم المراوحة في الملف الليبي، خاصة في ملف المرتزقة والميليشيات والقواعد العسكرية التركية في مدينتي الوطية ومصراتة، فما زالت تركيا تعترض على إجراء الانتخابات وخروج المرتزقة، وبالتالي ترفض تفكيك القواعد العسكرية في الغرب الليبي، وتدعي تركيا على الدوام أن جميع الأجانب في ليبيا هم مرتزقة، ما عدا جنودها والمرتزقة السوريين الذين جاءت بهم بدعوى أنها الوحيدة التي دخلت ليبيا باتفاق شرعي مع حكومة السراج السابقة «برتوكول نوفمبر 2019»، واعترضت تركيا بشكل واضح وصريح على مخرجات مؤتمر باريس للسلام في 12 ديسمبر الماضي الذي طالب بخروج كل الإرهابيين والمرتزقة والميليشيات والقوات الأجنبية من ليبيا.
السبب الثالث الذي يعرقل الانطلاقة في العلاقات المصرية التركية هو التعاون العسكري الكبير وغير المسبوق بين تركيا وإثيوبيا، وتوقيع اتفاقيات عسكرية تركية جديدة مع إثيوبيا عام 2021 خلال القمة الأفريقية التركية الأخيرة، خاصة بيع تركيا طائرات مسيرة للجانب الإثيوبي وحديث تركيا بفخر أنها تساعد في حماية سد النهضة الإثيوبي.
هذه الأسباب الثلاث تضاف إلى العوامل التي ما تزال خلافية ليس فقط بين مصر وتركيا بل بين الدول العربية الثلاث، وهي مصر والإمارات والسعودية من جانب، وتركيا من جانب آخر، وفي مقدمة هذه العوامل أن حديث تركيا عن المصالح والمنافع المتبادل لا ينفي تمسك تركيا بدعم جماعة الإخوان وأهدافها في الوصول للسلطة في المنطقة وخارجها، ورغم الخطوات التي تتعلق بوقف بث بعض البرامج الإعلامية من تركيا ضد مصر، والتوقف عن انتقاد السعودية والإمارات، إلا أن تركيا تظل حتى اللحظة أكبر حاضنة لتنظيم الإخوان في العالم، وتدعم مشروعهم العابر للحدود في مصر وليبيا وتونس وسوريا واليمن وغيرها، وبالإضافة إلى كل ذلك، فإن حديث تركيا الدائم عن العودة لكل الأراضي، حيث كان الأجداد يسيطرون عليها كما يقول أردوغان ورئيس الحزب القومي التركي دولت بهشلي، الذي قدم خريطة تشمل أراضي غير تركية إلى أردوغان، باعتبارها أرض تركيا المستقبلية، كل هذا يؤكد أن النهج العدواني والتوسعي التركي ما زال قائماً.
ورغم كل الاعتبارات الإيجابية والسلبية السابقة تظل هناك مجموعة من الأسباب التي تدفع تركيا نحو إتمام المصالحة مع الدول الثلاث، حتى لو اختلفت وتيرة وسرعة التقارب من دولة إلى أخرى من الدول الثلاث، وهي مصر والسعودية والإمارات من جانب، وتركيا من جانب آخر، وفي نفس الوقت يظل هناك توجس وريبة عربية حيال حديث أردوغان الجديد، حول المصالحة مع الجميع وتوقعاته بأن العلاقات المصرية مع تركيا سوف تشهد تطورات إيجابية.
فما هي المحفزات والضغوط التي تتعرض لها تركيا للتصالح مع الدول العربية الثلاث؟ وما هي العراقيل التي تحول دون ذاك؟ وما هي السيناريوهات التي يمكن أن تسلكها العلاقات التركية مع الإمارات ومصر والسعودية خلال الفترة القادمة بعد زيارة أردوغان للسعودية والإمارات الشهر القادم؟ وما هي خيارات الدول الثلاث للتعامل مع أجندة أردوغان الجديدة في الاقتصاد والقديمة في الأيدولوجيا؟
بداية الحلحلة
منذ منتصف عام 2020، بدأ الخطاب الإعلامي والسياسي التركي أقل حدة بالتزامن مع التزام مصر بالاتفاقيات الدولية عند ترسيم الحدود البحرية مع اليونان، ومراعاة الجرف القاري التركي من خلال الالتزام باتفاقية الأمم المتحدة لتقسيم أعالي البحار لعام 1982، والتي بدأ تنفيذها 1992، وهو ما دفع الرئيس أردوغان للإشادة بهذه الخطوة بداية من أغسطس 2020 على لسان ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي ثم وزير الخارجية داود جاويش أوغلو، ثم حيث أردوغان الإيجابي عن العلاقات التركية مع مصر والإمارات والسعودية، وجرى تحويل هذه الأجواء الإيجابية إلى سلسلة من الخطوات، وهي:
1 - وقف تركيا لبث بعض البرامج التي يقدمها أعضاء في التنظيم الدولي للإخوان من الأراضي التركية في ثلاث قنوات رئيسية.
2 - بدء المحادثات الاستكشافية التي جرت بين تركيا ومصر على مرحلتين الأولي في مايو عام 2021 في القاهرة والثانية في7 و8 سبتمبر من نفس العام في أنقرة.
3 - زيارة سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني الإماراتي لأنقرة في 18 أغسطس 2021.
4 - تلقي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، اتصالاً هاتفياً من الرئيس التركي في 31 أغسطس الماضي.
5 - زيارة سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية لتركيا في 24 نوفمبر الماضي، والتوقيع على سلسلة من الاتفاقيات والبرتوكولات الاقتصادية منها تشكيل صندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار.
6 - قبل ذلك ساهمت الإمارات في إعمار المناطق التركية التي اشتعلت فيها النيران الصيف الماضي بنحو 36 مليون دولار.
7 - وقعت الإمارات وتركيا في 24 نوفمبر الماضي الكثير من الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي تؤسس لشراكة اقتصادية كبيرة تغطي قطاعات كثيرة، منها اتفاقات لتبادل المعلومات المالية، والتعاون بين شركة أبوظبي للموانئ وصندوق الثروة السيادية التركي، واتفاقية تعاون بشأن صندوق رأس المال الاستثماري لشركة أبوظبي القابضة، والتعاون بين شركة أبوظبي القابضة وصندوق الثروة السيادية التركي، واتفاقية تعاون بين شركة أبوظبي القابضة ومكتب الاستثمار في تركيا، ومذكرة تفاهم بين سوق أبوظبي للأوراق المالية وبورصة إسطنبول، واتفاقية للتعاون الإداري المتبادل في المسائل الجمركية بين دولة الإمارات وتركيا، والتعاون بين شركتَي أبوظبي القابضة وكاليون يتريم القابضة التركية، وحسب معطيات عام 2019، بلغت صادرات الإمارات العربية المتحدة إلى تركيا 4.3 مليار دولار، فيما بلغت صادرات تركيا إلى الإمارات 3.5 مليار دولار. وبلغ حجم التجارة البينية بين الدولتين ذروته في عام 2017 بقيمة 14.7 مليار دولار. وهناك ما يقارب 400 شركة في تركيا مؤسسة برأس مال إماراتي، أغلبها تتمركز في شمال غربي تركيا أو منطقة بحر مرمرة.
8 - زيارة وزير الخارجية التركي إلى الإمارات في 16 ديسمبر الماضي.
9 - زيارة وزير الخارجية التركي إلى الرياض في 10 مايو الماضي، كما تحدث الرئيس أردوغان إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في 18 يوليو 2021.
عقبات نحو التطبيع الكامل
1 - القبض على حسام المنوفي أحد مؤسسي تنظيم حسم الإرهابي وهو في طريقة من السودان لتركيا، أكد للجميع أن تركيا ما تزال تفعل كل شيء من أجل الإضرار بالأمن القومي المصري، وأنها الداعم الأكبر للإرهاب داخل مصر وفي المنطقة، خاصة أن «حسم» مصنفة كتنظيم إرهابي على لائحة التنظيمات الإرهابية الأميركية.
2 - حتى الآن لم يختلف مصير المحادثات الاستكشافية بين مصر وتركيا عن مصير المفاوضات الاستكشافية بين تركيا واليونان، التي بدأت منذ عام 2002 ووصلت إلى الجولة 65 دون أي نتيجة، وتحول الأمر إلى مجرد تجميد للخلافات والتصريحات.
2 - يشكل الموقف التركي مما يحدث في ليبيا عقبة كبيرة في طريق تطبيع العلاقات مع مصر، وإرسال رسالة واضحة من تركيا لكل من السعودية والإمارات بأن السلوك التركي لم يختلف عن السابق، فاعتراض تركيا على الدعوات المصرية الإماراتية السعودية لإخراج جميع أنواع الميليشيات من ليبيا وتأكيد البيانات الأخيرة للدول الثلاث على ضرورة خروج كل «القوات الأجنبية»، وهو أمر واضح تماماً الهدف منه خروج القوات التركية من قاعدتي الوطية ومصراته الليبيتين، وهو ما تجلى في اعتراض تركيا على بيان مؤتمر باريس يوم 12 نوفمبر الجاري، فتركيا لا تزال تقول وتدعي أن وجود قواتها في ليبيا جاء بشكل قانوني بالاتفاق الذي وقعته مع حكومة السراج في نوفمبر 2019، وهذا مصدر قلق كبير لمصر، وكذلك للإمارات والسعودية التي ترى في هذا الموقف تأكيدًا على عدم نية تركيا في التخلي عن طموحاتها التوسعية، ولهذا كان هناك موقفان مصريان ضد تركيا في هذا الشأن، وهذا الموقف دفع مصر لإرسال رسائل مضادة لتركيا عبر عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في القمة الثلاثية الأخيرة مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسو تاكس والرئيس القبرصي نيكوس أنستسياديس، بسحب كل القوات التي تحتل سوريا، وكان كلام الرئيس السيسي موجهًا بشكل خاص تجاه تركيا، وكذلك حديث وزير الخارجية المصري سامح شكري في الجلسة النقاشية في مركز ويلسون الأميركي على هامش زيارته للمشاركة في الحوار الاستراتيجي في واشنطن عن أن مصر لا تفهم إصرار تركيا على البقاء في العراق وسوريا وليبيا، ولماذا تصر على دعم تنظيم الإخوان.
3 - أرسلت تركيا رسالة خاطئة جديدة للقاهرة عندما وقعت مزيدًا من الاتفاقيات العسكرية مع إثيوبيا على هامش القمة التركية الأفريقية التي عقدت في 19 ديسمبر الماضي، بالإضافة إلى توقيع تركيا لاتفاقيات عسكرية سابقة مع إثيوبيا بالتزامن مع الاتصالات والمشاورات والمحادثات الاستكشافية التي كانت مستمرة، وهو ما أضعف الثقة بالكامل في التوجه التركي نحو مصر، خاصة أن الاتفاقيات العسكرية مع إثيوبيا تم النص فيها على حماية سد النهضة، وهي مكايدة واضحة ضد مصر.
4 - لا تزال تركيا تتدخل في الشأن الداخلي المصري، خاصة حديثها عن الاختفاء القسري لعناصر من الإخوان، والتعليق على أحكام القضاء المصري، وهو ما تراه القاهرة بأنه تدخل غير مقبول في الشؤون الداخلية وشؤون القضاء المصري.
5 - رغم كل أحاديث الغزل السياسي والإعلامي التي يتحدث بها المسؤولون الأتراك عن العلاقات مع الدول العربية، لا تزال تركيا تقف في الفساط الآخر المعارض للدول العربية، وهو فساط التنظيمات الإرهابية والمتطرفين، فما زالت تركيا تؤيد تنظيم الإخوان في ليبيا وتونس والسودان واليمن دون مراعاة للمصالح المصرية أو السعودية والإمارتية.
محفزات نحو التطبيع الكامل
رغم كل العقبات التي تحول دون وجود تحول كامل في الموقف التركي، هناك مجموعة الأدوات والمحفزات والأهداف التي يمكن أن تدفع تركيا لتغيير سياستها والتعاطي بحسن نية كاملة مع الدول العربية الثلاث، وفي المقدمة مصر والإمارات والسعودية، ومن هذا المحفزات ما يلي:
1 - استمرار الضغوط الاقتصادية التركية وما وصلت إليه الليرة خير دليل على هذا الأمر، ويؤشر التحسن البطء للغاية في سعر الليرة التركية أن الأزمة سوف تتواصل، وهنا تكون الحاجة التركية ليس فقط لتقليل التوتر والنفقات الخارجية، لكن أيضًا السعي لجذب استثمارات من الخارج على غرار صندوق الاستثمار الإماراتي التركي، كما تتواصل الضغوط الاقتصادية التي تتمثل في زيادة معدلات التضخم والبطالة، وتراجع ثقة المستثمرين في الاقتصاد التركي بسبب تراجع قيمة الليرة، بالإضافة إلى المتحورات الجديدة من «كورونا» ومنها «أوميكرون»، وهو ما يجعل الاقتصاد التركي سوف يعاني من هذه الضغوط أكثر بالمقارنة مع اقتصاديات الدول الثلاث التي تتنازعها تركيا في المنطقة، وهي مصر والإمارات والسعودية التي خرجت من الجائحة بأقل الخسائر.
2 - دفعت الأوضاع الاقتصادية السيئة وسوء الإدارة إلى استقالات أعداد كبيرة من المنتسبين لحزب العدالة والتنمية، آخرها استقالة نحو 872 عضوًا في فرع الحزب بولاية أيدن، هذه التطورات تدفع لتقارب غير مسبوق بين الأحزاب والمكونات السياسية التركية المعارضة لأردوغان ودعوتها للانتخابات المبكرة، وتشير كل استطلاعات الرأي إلى تراجع شعبية أردوغان وتحالف الشعب الذي يضم حزبي العدالة والتنمية والحزب القومي التركي بقيادة دولة بهشلي.
3 - لم يستطع أردوغان أن يفرض موقفة السياسي على قبرص واليونان نتيجة الدعم الكامل وغير المحدود من الاتحاد الأوروبي لنيقوسيا وأثينا وفرض عقوبات على تركيا بسبب خلافاتها مع قبرص واليونان حول المناطق الاقتصادية الخاصة في شرق المتوسط وبحر إيجة، ورفض الاتحاد الأوروبي والعالم المقاربات السياسية التركية التي تتحدث عن إلغاء اتفاقية لوزان 1923، واتفاقية مونترو للمضايق 1936، وتعبئة الجميع ضد كل ما سماه أردوغان بـ«الوطن الأزرق».
4 - لم يتراجع مشروع أردوغان في الداخل التركي فقط، بل تراجع في كل المنطقة العربية، وبعد خسارة الإخوان للحكم في مصر عام 2013، كما خسر الإخوان الانتخابات في ليبيا عام 2014، ثم قرارات الرئيس قيس سعيد في تونس ضد حركة النهضة الإخوانية في 25 يوليو الماضي، وفشل الإخوان في الانتخابات المغربية، التي حصلوا فيها على 8 مقاعد فقط بعد أن كانوا حصلوا على 113 مقعدًا في الانتخابات السابقة، وتراجع شعبية الإخوان في كل مكان في الأقاليم العربية وحتى في الدول الإسلامية بدأ نفوذ التيارات الإسلامية في التراجع.
5 - فشل أردوغان في تسويق روايته للرئيس الأميركي الجديد، فبعد يوم من دخول بايدن للبيت الأبيض في 20 يناير، 2021 ما تزال العلاقات التركية الأميركية على حالها السابق دون أي تقدم، كما أن المشكلات التي بدأت منذ أيام ترامب ما زالت قائمة ومنها شراء تركيا منظومة الدفاع الصاروخية الروسية «إس 400»، مما أدى لطرد أنقرة من برنامج الطائرة الأميركية «إف 35». والاتهامات الأميركية لتركيا بالتنمر على جيرانها وخاصة في شرق المتوسط، ناهيك عن بعض القضايا الأخرى مثل قضية حرس أردوغان الشخصي في نيويورك.
6 - لا تزال تركيا المتهم الأول بتسريب المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا، وهو ما جعل الدول الأوروبية تتكتل ضد أنقرة، ناهيك عن الخلافات التركية التي لا تزال مستمرة مع فرنسا والنمسا وألمانيا وهولندا بسبب دعم تركيا للمجموعات المتطرفة في الأراضي الأوروبية.
7 - مساحة الخلاف بين تركيا وروسيا تزداد كل يوم، سواء بسبب الخريطة التي قدمها دولت بهشلي للرئيس أردوغان، أو بسبب الموقف التركي المناوئ للتحركات التركية في كازاخستان ودول آسيا الوسطى، والخلاف التركي الروسي بسبب التشابك في المصالح بسوريا، ودعم تركيا لأوكرانيا ضد روسيا، وقلق روسيا من دعم تركيا لمجموعات إرهابية قوقازية أو من آسيا الوسطى ضد الأمن القومي الروسي، ووقوف تركيا على نقيض السياسة الروسية في ملفات مثل ناغورنو كارباخ والحرب على الإرهاب وقناة إسطنبول الجديدة والمناورات في البحر الأسود.
8 - بعد أزمة كازاخستان أصبحت الصين على يقين أن خطر تركيا وسعيها لتشكيل ما يسمى بالعالم التركي هو الخطر الأكبر على الأمن القومي الصيني، فالخلاف التركي الصيني مستمر بسبب قضية شينجيانج (تركستان الشرقية)، واتهام الصين لتركيا بدعم العناصر المتطرفة من تركستان الشرقية، خاصة الذين انضموا للجماعات الإرهابية في شمال غربي سوريا في إدلب تؤجج المشاعر المعادية من كل طرف تجاه الآخر.
4 سيناريوهات
في ظل الزيارة المرتقبة للرئيس أردوغان للإمارات والسعودية بداية من 12 فبراير القادم، والاتصالات والزيارات بين الطرفين خلال الفترة الماضية، وأيضاً في ظل الواقع على الأرض الذي لم يتحسن في جبهات العراق وسوريا وليبيا وإثيوبيا يمكن توقع 4 سيناريوهات مستقبلية، وهي:
أولاً: سيناريو «التطبيع الاقتصادي»
ويقوم على حاجة تركيا للاستثمارات الإماراتية والتجارة مع مصر والسعودية للخروج من أزمتها الاقتصادية، بالإضافة إلى تفويت ملف مهم على المعارضة التركية التي تقول إنها سوف تتصالح مع مصر والسعودية والإمارات فور فوزها في الانتخابات المبكرة أو الانتخابات المقررة في 2023، ويستطيع الرئيس التركي من خلال هذا السيناريو تحقيق كل شيء دون أن يدفع أي فاتورة، فالحدود على الأرض في ليبيا أصبحت لصالح تركيا التي كانت قبل نوفمبر 2019 ليس لها وجود عسكري، اليوم تستطيع بناء قواعد من غرب ليبيا حتى خط «الجفرة – سرت»، وبالتالي حققت في ليبيا ما لم تحققه طوال 20 عامًا من حكم أردوغان، واحتمال تحول الحدود المؤقتة في ليبيا إلى حدود دائمة بين الفرقاء يعزز من المكاسب التركية، ووفق هذا السيناريو لا يتحدث أحد عن احتلال تركيا لأجزاء من سوريا والعراق، كما أن دعم تركيا للتنظيمات الإخوانية في اليمن وسوريا وليبيا لم يتعرض لأي تغيير، وهذا السيناريو يحقق كل شيء لتركيا دون دفع أي أثمان، لكنه أيضاً يتفق مع وجهة النظر المصرية السعودية الإماراتية الساعية لتبريد الصراعات وتهدئة التوترات في المنطقة، ونسبة هذا السيناريو 40 في المائة.
السيناريو الثاني: «السيناريو المرحلي»
ويقوم على أن الخلافات العربية مع تركيا تراكمت خلال 10 سنوات، وأن التقارب الاقتصادي مع الدول الثلاث والمحادثات الاستكشافية مع مصر خلال عام 2022 تعمل على تطوير العلاقات بشكل مرحلي والانتقال من قضية إلى قضية، والبدء بالقضايا السهلة والتي يمكن الاتفاق عليها، وتأجيل وترحيل القضايا الشائكة مثل الميلشيات ودعم الإخوان، وهذا السيناريو يسير بالتوازي مع الدول الثلاث وقد يسبق مسار من المسارات باقي المسارين الآخرين، كأن يتقدم المسار الإماراتي على المسار السعودي والمصري، ونسبة هذا السيناريو 20 في المائة.
السيناريو الثالث: «التطبيع الفردي»
ويقوم على أن تنجح تركيا بالانفراد بدولة دون الاثنتين الآخرين في تحقيق التطبيع الكامل الشامل، وتعثر المفاوضات مع دولة أو اثنين، فالمصالح الاقتصادية قد تدفع العلاقات التركية الإماراتية حتى المحطة الكاملة في التطبيع، بينما الموقف التركي ضد ولي العهد السعودي قد يعطل أو يؤجل الاتفاق على بعض القضايا، كما أن مصر يمكن أن تقدم على بعض الخطوات في عام 2022 تجاه تركيا لكن دون إنهاء كامل للخلافات، وقضية حسام المنوفي ودعم إثيوبيا عسكريًا قضايا عالقة لفترة طويلة، ونسبة هذا السيناريو 20 في المائة.
السيناريو الرابع: السيناريو القطري
ويقوم على أن الدول العربية الثلاث مع تركيا لديها المحفزات الكاملة لإنهاء الصراع، والابتعاد عن الصراع في ظل الانسحاب الأميركي الواضح من الشرق الأوسط والخليج، وسعي هذه الدول الثلاث مع تركيا لإنهاء مرحلة وبدء مرحلة جديدة بمعطيات ووقائع جديدة وواقعية لا تتجاهل الواقع على الأرض، ونسبة هذا السيناريو 20 في المائة.
شاركنا بتعليقك
تقع المسؤولية الأدبية والقانونية للتعليقات والمساهمات المنشورة على الموقع، على صاحبها، ولا تعبر بأى شكل من الأشكال عن رأى إدارة الموقع