بطل في الملاكمة وأهداه أردوغان «لعبة أطفال».. مَن هو كوكسال بابا؟

كوكسال بابا

كتبت: أسماء علاء الدين

 «من رحم المعاناة تُولد الضحكة»... على غرار إسماعيل ياسين، الذي أضحك الملايين وترك انطباعًا بأن حياته لا تخلو من الضحك والبهجة، رغم حياته المبنية على المأساة بوفاة الأم وسجن الأب وهروبه من زوجة أمه لتعصف به الحياة يمينًا وشمالًا، كان الوضع عينه لتشارلي تشابلن العصر الحديث وملك «الكوميكس»، كوكسال بابا، الذي يترك الابتسامة والضحكة عند الملايين بمواقفه المضحكة وغضبه السريع، لكن من هو ملك الاستيكرز، الذي تربع على عرش مواقع التواصل الاجتماعي؟ وما هي قصته؟

ضحكة وراءها مأساة

كوكسال بكتاش أوغلو، المشهور بكوكسال بابا، من مواليد 10 فبراير 1975، وُلد في مقاطعة أرسين بمدينة طرابزون التركية. وهو بلوجر تركي اشتهر في وقت قياسي من خلال فيديوهاته الطريفة التي ينشرها حيث نجح في رسم البسمة على وجوه متابعيه. لكن على الرغم من نجاحه في رسم تلك الضحكة على ملايين الوجوه، إلا أن قصته لم تكن مضحكة بهذا القدر.

كانت بداية قصة كوكسال مأساوية، إذ وُلد بمرض نادر يصيب البشر (اضطراب في النمو)، ولم يكن هذا المرض لدى أحد من أفراد عائلته. يبلغ طوله حوالي 115 سم، ويشبه الأطفال في صوتهم وقصرهم، مما جعله يتعرض للتنمر كثيرًا. وفي الوقت الذي فرضت عليه الحياة طبيعة جسدية معينة لا دخل له فيها، كان يهرب من ذلك بتعلقه بوالديه كثيرًا وحبه لهما بشدة. واعتقد خبراء أنه سيعيش ما بين 35- 40 عامًا بسبب مرضه. 

أما الصدمة الثانية له بعد ولادته بمرض نادر، هي وفاة والديه، حيث بدأ يقضي أوقاته بين القبور من أجل أن يبقى بجوارهما. ولم تتوقف الحياة بالنسبة لكوكسال الذي كان يبدو طوال الوقت منزعجًا لدرجة لقبه متابعوه بـ«الفكاهي سريع الغضب».

بدأ مسيرته الرياضية وهو في العشرين من عمره حيث بدأ بممارسة الملاكمة، وسرعان ما ابتعد عن المجال بعد أن فاز ببطولة الملاكمة التركية للناشئين لمدة 3 أعوام على التوالي.

ما سبب تسميته بكوكسال بابا؟

بدأ كوكسال بكتاش أوغلو رحلة جديدة في مشوار حياته بعد وفاة أقرب اثنين إليه. ففي يوم من الأيام أثناء مروره من أمام أحد متاجر الأحذية بمدينة طرابزون التركية، تعرف على سليمان كوسة الذي أصبح أعز أصدقائه فيما بعد. وهنا يقول كوسة في أول لقاء جمع بينهما: «أخذته إلى داخل المحل وسألته إلى أين أنت ذاهب وماذا بك؟ لكنه لم يكن يتحدث على الإطلاق»، مشيرًا إلى أن قصة (كوكسال بابا) أتت على هذا النحو: (في يوم من الأيام طرق على طاولتي وقال لي من الآن  فصاعدًا ستناديني (بابا)».

السلم الأولى لمجد الشهرة

كان أول تواجد لكوكسال بابا على الإنترنت في عام 2008 عندما صوره صديقه سليمان كوسة وبعض الأصدقاء الآخرين. لكن أول تواجد فعلي لكوكسال على مواقع التواصل الاجتماعي كان في عام 2015 حين بدأ بنشر مقاطع فيديو يرصد من خلالها تفاصيل حياته اليومية.

وكانت بداية شهرته الحقيقية في عام 2016 حين نشر فيديو يهاجم فيه رجلًا أكبر منه في الحجم في الشارع، حيث تخطت عدد مشاهدات الفيديو 6 ملايين. ومن وقتها دخل قلوب الملايين بصورة الفكاهي سريع الغضب. ويمتلك كوكسال بابا أكثر من 3 ملايين متابع على موقع «إنستجرام» وأكثر من 2 مليون متابع على «التيك توك» وأكثر من مليون متابع على «يوتيوب»، إذ حصل على الدرع الذهبي بعد أن تجاوز متابعوه المليون.

شاحنة بيك أب حمراء... أكبر حلم له!

كان أكبر حلم لكوكسال بابا هو امتلاك «شاحنة بيك أب حمراء». فبعد وفاة والدته، كان يسافر في جميع أنحاء القرية مع والده الذي كان يقود الشاحنة وهو يجلس بجواره. لكن بعد وفاة والده اضطر أشقاؤه لبيع الشاحنة لعدم وجود من يستخدمها، غير أنه كان يقول دائمًا «إن شاء الله، سنحصل على هذه الشاحنة بطريقة ما. وسنقوم بتحميل البطيخ على ظهرها».

وفي يوم من الأيام تحقق حلمه، حيث فاجأه صديقه سليمان كوسة حين أحضر شاحنة حمراء أمام منزله. وهنا هرع كوكسال بابا إلى داخل المنزل وأخذ صورة والده ووالدته والشاحنة الحمراء.

 وفي عام 2016 التقى كوكسال بالرئيس رجب طيب أردوغان خلال رحلة في البحر الأسود، حيث أهداه الأخيرة «سيارة حمراء لعبة» تعمل بالبطارية، وذلك عندما علم شغفه وحبه للسيارات.

وفي عام 2020 صدر فيلم وثائقي بعنوان «السيارة الحمراء» Kırmızı Kamyonet يحكي خلاله أصدقاء كوكسال بابا حياته ومأسأته في الحياة. 

من طرف واحد... قصة حب لم تكتمل!

قصة حب من النظرة الأولى لكن لم تكتمل؛ إذ كانت من طرف واحد. يحكي نجاتي كيكش الملقب بـ«ريتشارد» وصديق مقرب، قصة حب كوكسال بابا لفتاة تُدعى «عائشة» زين شاحنته الحمراء باسمها، ويقول: «كان هناك محل مخبوزات تعمل به فتاة تُدعى عائشة. عندما ذهبت لتناول المعجنات وجدت كوكسال هناك يتحدث مع الفتاة. قلت له: ما أجمل هذه الفتاة، سأخذها كعروس لك. لكنه غضب، حيث غادرت الفتاة العمل بعد أن عملت لمدة 10 أيام».

وفي إطار ذلك، تُعتبر أغنية (عائشة) للفنان أركان أوجاكلي أغنيته المفضلة حيث يستمع إليها أكثر من عشر مرات في اليوم. هذا إلى جانب شغفه وحبه الشديد للاستماع إلى أغاني البحر الأسود.

تربع في قلوب الملايين

بعد الشهرة الكبيرة التي حققها كوكسال بابا في وقت قياسي أصبح له ملايين المعجبين حتى أن معجبيه تضمنوا نجوم الفن أو الرياضة... إلخ. هذا إلى جانب الملصقات (الاستيكرز) التي أصبحت تمثل جزءًا كبيرًا من حوارات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي.